أحبائى محبى عمل الخير مارس 2019
نعمه وسلام راجيا لكم كل خير وبركه
يسعدني أن أهنئكم جميعاً ببدء الصوم الكبير. الصوم الكبير فترة روحية خاصة نتمتع بها بالصوم والصلاة والنمو الروحى من خلال التوبة وعمل الرحمة. وأود أن أتأمل معكم فى حديث السيد المسيح عن الكنز السمانى. إعتاد الناس أن يهتموا بأن يكنزوا لهم كنوزاً على الأرض لكى يشعروا بالأطمئنان ويوفروا لأنفسهم ولأسرهم مستقبل زاهر وحياة مادية عالية المستوى. لذا السيد المسيح بدأ حديثه بالتحذير من الكنوز الأرضية قائلاً “لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض” مت 6: 19. فما خطورة أن نكنز لنا كنوزاً على الأرض؟
أ-خطورة الكنوز الأرضية:
أنها كنوز وقتية وقد عبر السيد المسيح عن ذلك بقوله “حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون” مت6: 19. الكنوز الأرضية سواء كانت أموال أم ممتلكات أم سلطة من خلال منصب قيادى بارز ليس لها صفة الدوام. كثيرون فقدوا ثرواتهم نتيجة تقلبات فى الأسواق أو المعاملات المالية مثلما يحدث إنهيار أقتصادى حتى فى الدول المتقدمة. وأحياناً تعلن بعض البنوك إفلاسها فيفقد الانسان ودائعه فى البنك أو أمواله التى ساهم بها فى شركة معينة أعلنت إفلاسها. أويضع انسان أمواله فى شركات توظيف الأموال أو يضارب بها فى البورصة كلها أمور قد تحقق له ثروة ولكنها غير دائمة. كما أن الكوارث الطبيعية تؤدى إلى سقوط المبانى وتلف الأراضى فيفقد الانسان ممتلكاته. ولعل فى قصة أيوب مثال لشخص غنى كيف أدت الكوارث المتتالية أن يفقد كل شئ حتى صحته.
الكنوز الأرضية تجعل الانسان منشغل بالأرضيات وبالأموال كيف ينمى أمواله وأحياناً تؤثر على مبادئه فى الحياة. لذلك حذرنا السيد المسيح قائلاً “لا يقدر أحد أن يخدم سيدين لأنه أما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدروا أن تخدموا الله والمال” مت6: 24. لكن لماذا لا يستطيع أحد أن يخدم الله والمال؟ السيد المسيح أجاب عن ذلك بقوله “لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً” مت6: 21. فالانسان الذى يكنز لنفسه كنزاً أرضياً يفكر فقط فى الأرضيات ولا يرتفع قلبه إلى السماء بل يكون قلبه فى الأرض. وقد قدم السيد المسيح مثالاً على ذلك فى قصة الغنى الذى أخصبت كورته. فماذا فكر؟ “ففكر فى نفسه قائلاً ماذا أعمل لأن ليس لى موضع أجمع فيه أثمارى . وقال أعمل هذا أهدم مخازنى وأبنى أعظم وأجمع هناك غلاتى وخيراتى وأقول لنفسى يا نفسي لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة. أستريحى وكُلى وأشربى وأفرحى” لو12: 17- 19. هذا المسكين فكر فى الأرض والعمر الطويل الذى ينتظره الذى أعتقد أنه صار مضموناً له فى مستوى حياة رفاهية لسبب الكنز الأرضى الذى عنده ولكنه نسى شيئاً هاماً وهو أن حياته مؤقته ولا يستطيع ان يأخذ كنوزه معه لذلك سمع هذا الصوت الألهى “يا غبى هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التى أعدتها لمن تكون” لو12: 20. لقد أعطى السيد المسيح هذا النموذج لهذا الانسان الغنى الذى فكر فى الأرضيات كمثال لجميع الذين يكنزوا لأنفسهم كنوزاً على الأرض. لقد قال السيد المسيح بعد ما ذكر قصة هذا الغنى المسكين “هكذا الذى يكنز لنفسه وليس هو غنياً لله ” لو12: 21.
السيد المسيح حذرنا من الطمع فى الأمور الأرضية بقوله “أنظروا وتحفظوا من الطمع فأنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله.” فالانسان المهتم بالكنز الأرضى يطمع فيما للغير لذا تحدث المشاحنات والخلافات حتى بين الأخوة. لذا عندما جاء واحد للسيد المسيح قائلاً “يا معلم قُل لأخى أن يقاسمنى الميراث فقال له يا انسان من أقامني عليكما قاضياً أو مقسماً وقال لهم أنظروا وتحفظوا من الطمع” لو12: 13- 15.
الإهتمام بالكنوز الأرضية يحرم الانسان من مساعدة المحتاجين مثلما نرى فى قصة الغنى ولعازر. لقد عاش الغنى حياة الترف ولم ينظر إلى لعازر المسكين الذي طرح عند بابه مضروباً بالقروح. لذلك مات الغنى وذهب إلى الجحيم وقال له إبراهيم “يا أبنى أذكر أنك استوفيت خيراتك فى حياتك وكذلك لعازر البلايا. الآن هو يتعزى وأنت تتعذب” لو16: 25.
سوف نواصل حديثنا عن الكنز الأرضي والكنز السمانى فى الرسالة القادمة. أتمنى لكم جميعاً فترة صوم مبارك نكنز فيها كنوزاً فى السماء والرب يبارك عطاياكم لدعم برامج سانتا فيرينا الخيرية التى تتيح لكم الفرص أن تكنزوا لأنفسكم كنوزاً فى السماء.
الأنبا سرابيون
Off