أحبائى محبى عمل الخير أبريل 2019
نعمه لكم وسلام راجياً لكم كل خير وبركه
تناولنا فى الرسالة السابقة تحذير السيد المسيح لنا “لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض” مت 6: 19 وخطورة الإهتمام بالكنوز الأرضية لأنها كنوز وقتية قد يخسرها الانسان فى أى وقت لأسباب متعددة. كما أنها تجعل الانسان ينشغل بالأرضيات وينسى أن حياته على الأرض حياة مؤقته وأنه لن يأخذ شئ معه بعد الموت كما أوضحت لنا قصة الغنى الذي أخصبت كورته. الإنشغال بالكنوز الأرضية يحرم الأنسان من الإهتمام بالمحتاجين وحياة الرفاهية تقسي قلب الانسان فلا يشعر بمعاناة الفقراء والمحتاجين مثلما حدث مع الغنى الذي عاش حياة الرفاهية فلم يلتفت إلى لعازر الفقير والمريض المطروح على باب قصره فكان يراه ولا يهتم به. كما أن الإهتمام بالكنوز الأرضية قد يسقط الانسان فى خطية الطمع فتحدث المشاحنات والمشاجرات حتى بين الأخوة بسبب الميراث أو الأمور الأرضية. لذلك حذر السيد المسيح من الطمع عندما جاءه انسان يطلب منه أن يطلب من أخيه أن يقاسمه الميراث. أيضاً الأهتمام بالكنوز الأرضية يحرم الانسان من الاهتمام بالأمور السمائية لأن قلب الانسان يكون متعلقاً بالأرضيات لذا قال السيد المسيح “لا يقدر أحد أن يخدم سيدين … لا تقدرون أن تخدموا الله والمال” مت6: 24.
الاهتمام بالكنوز الأرضية يجعل الانسان غير مستقيم فى عطاياه. فالعطاء المقبول هو العطاء من قلب نقى ونية صادقة. وقصة حنانيا وسفيرة تقدم لنا مثال للعطاء بقلب غير نقى. فقد باع حنانيا وسفيرة حقلهما وأتيا بالثمن ووضعاه عند أرجل الرسل مثلما كان يفعل كثير من المحبين للعطاء فى الكنيسة فى عصر الرسل مثل برنابا الذي قيل عنه “إذ كان له حقل باعه وأتى بالدراهم ووضعهما عند أرجل الرسل” أع4: 37 حنانيا وسفيرة فعلا مثلما فعل برنابا ظاهرياً أما فى داخلهما فكان هناك فرق كبير هو إنهما باعا الحقل ولكنهما ظلا متعلقين بالكنز الأرضى أى الحقل لذلك أختلسا من ثمن الحقل. أرادا أن يجمعا بين المظهر الخارجى للعطاء مع الإحتفاظ بجزء من ثمن الحقل. لذلك وبخ القديس بطرس حنانيا على فعلته قائلاً “يا حنانيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل؟ أليس وهو باق كان يبقى لك؟ ولما بيع ألم يكن فى سلطانك؟ فما بالك وضعت فى قلبك هذا الأمر؟” أع5: 3- 4.
لم يكن مطلوباً من حنانيا وسفيرة أن يبيعا حقلهما فهذا كان عمل إختيارى كما كان يمكنهما أن يقدما جزء من ثمن الحقل وليس الثمن كاملاً لكنهما قدما المال كأنه الثمن كله لأن محبة المال لم تخرج من قلبيهما. تذكرنا قصة حنانيا وسفيرة بقصة إمراة لوط التى خرجت من سدوم جسدياً ولكن قلبها كان لا يزال متعلقاً بها لذلك نظرت إلى الوراء فصارت عمود ملح تك19: 26.
أهمية أن نكنز كنوزاً فى السماء: السيد المسيح يدعونا إلى أن نكنز كنوزاً فى السماء “بل أكنزوا لكم كنوزاً فى السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون” مت 6: 20. السيد المسيح لا يطلب منا فقط أن لا نكنز لنا كنوزاً على الأرض بل يطلب بالأكثر أن نكنز لنا كنوزاً فى السماء. فالكنز أو المال أو الممتلكات أو الغنى ليس خيراً أو شراً فى حد ذاته ولكن فى كيفية استخدامه. فالانسان الغنى قد يستخدم غناه ليغنى الآخرين ويسد إحتياجات المحتاجين فينقل كنزه من الأرض إلى السماء.
لكي نستطيع أن نكنز لأنفسنا كنوزاً فى السماء يجب أن تكون قلوبنا فى السماء. فكما يقول السيد المسيح “لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً” مت6: 21. القديس بولس يوصينا قائلاً “فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله اهتموا بما فوق لا بما على الأرض” كولوسى 3: 1-
الاهتمام بما فوق يجعلنا لا نقلق بخصوص الأمور الأرضية بل نثق أن الله يدبر إحتياجاتنا طالما نعمل بأمانة “لأن أباكم السماوى يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها” مت6: 32. حقاً مطلوب منا أن نحسب حساب النفقة وأن يهتم كل أحد بأهل بيته “إن كان أحد لا يعتنى بخاصته ولا سيما أهل بيته فقد فقد أنكر الإيمان وهو شر من غير المؤمن” 1تيمو5: 8 ولكن لا نقلق بخصوص المستقبل ولا نقلق بخصوص قلة إمكانياتنا فالذى بارك فى الخمس خبزات والسمكتين يبارك فى عملنا واهتمامنا بمسئولياتنا لذا دعانا قائلاً “لا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شره” مت6: 34.
ليهبنا الله أن نهتم أن نكنز لنا كنوزاً فى السماء ونستخدم إمكانياتنا لعمل الخير ومساعدة المحتاجين حتى يكون لنا نصيب مع جميع محبي الخير من قلب طاهر. وليبارك الله فى عطاياكم الطاهرة لدعم برامج سانتا فيرينا الخيرية التى تساعدكم أن تكنزوا لكم كنوزاً فى السماء.
الأنبا سرابيون
Off