أحبائي محبي عمل الخير نوفمبر ٢٠١٩
نعمه وسلام راجياً لكم كل خير وبركه
أود أن أتأمل معكم في هذه الرسالة في خدمة سكب الطيب. الكتاب المقدس يقدم لنا ثلاث نساء سكبن الطيب علي الرب يسوع المسيح.
أولاً: قصة المرأة التي سكبت الطيب علي رأس الرب يسوع قبل الفصح بيومين عندما كان الرب يسوع في بيت سمعان الأبرص في مدينة بيت عنيا. وقد ذكر هذه القصة القديس متي (مت٢٦: ٦- ١٣) والقديس مرقس (مر١٤: ٣- ٩). “وفيما كان يسوع في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص تقدمت إليه امرأة معها قارورة طيب كثير الثمن فسكبته على رأسه وهو متكئ” مت٢٦: ٦- ٧. لقد مدح الرب يسوع ما فعلته هذه المرأة وقال “الحق أقول لكم حيثما يكرز بهذا الانجيل في كل العالم يخبر ايضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها” مت٢٦: ١٣.
لقد سكبت هذه المرأة التي لم يذكر الكتاب المقدس أسمها – أثمن ما عندها – على رأس السيد المسيح فصارت مثالاً للمحبة الخالصة المضحية. لذا تقدم لنا الكنيسة هذه القصة يوم أربعاء البصخة كمثال للمحبة والإخلاص مقابل مثال يهوذا الاسخريوطي الذي في نفس اليوم ذهب إلى رؤساء الكهنة وقال “ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم؟ فجعلوا له ثلاثين من الفضة ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه” مت٢٦: ١٥- ١٦. أنه تضاد عجيب بين التلميذ الخائن والمرأة المخلصة ساكبة الطيب.
واختارت أيضاً الكنيسة هذا الفصل ليقرأ في صلوات جنازات النساء كمثال للمرأة التي سكبت أثمن ما عندها وأثمن ما يملكه الانسان هو حياته. لذا تقدم الكنيسة التعزية أن المرأة المنتقلة تكون مثل هذه المرأة ساكبة الطيب بأنها قدمت حياتها للرب.
خدمة سكب الطيب هي خدمة تكريس الحياة للمسيح الذي مات لأجل خلاصنا وهي خدمة الإخلاص والمحبة الصادقة. ونحن نري المسيح إلهنا في شخص كل انسان محتاج ومتألم فهل نسكب الطيب عليه ونخفف الآمه ونسدد احتياجاته حباً وإخلاصاً لمسيحنا الحي
.
ثانياً: قصة مريم أخت لعازر الذي أقامه المسيح من الموت بعد أربعة أيام. فيذكر القديس يوحنا “ثم قبل الفصح بستة أيام اتي يسوع إلي بيت عنيا، حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من الأموات فصنعوا له عشاء وكانت مريم تخدمه وأما لعازر فكان أحد المتكئين معه فأخذت مريم منا من طيب ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها فامتلأ البيت من رائحة الطيب” يو١٢: ١- ٣. في بيت عنيا في بيت لعازر وقبل الفصح بستة أيام أي في عشية دخول السيد المسيح إلى أورشليم صنعت الأختان مرثا ومريم عشاء تكريم ومحبة وعرفان بالجميل للرب يسوع فكانت مرثا تخدم أما مريم فقد دهنت بالطيب الكثير الثمن قدمي الرب يسوع ومسحتهما بشعر رأسها. أنه الاعتراف بالجميل وخاصة أن مريم ومرثا لم تفهما عدم حضور المسيح عندما أرسلتا له عند مرض لعازر “هو ذا الذي تحبه مريض”. لذلك عندما حضر الرب يسوع بعد موت لعازر ودفنة قالت كل من مريم ومرثا له “يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي” يو١١: ٢١، ويلاحظ أن هذه القصة تختلف في بعض التفاصيل عن القصة الأولي من جهة الوقت. القصة الأولي حدثت يومين قبل الفصح أما هذه فستة أيام قبل الفصح. من جهة المكان رغم أنهما حدثتا في بيت عنيا ولكن القصة الأولي في بيت سمعان الأبرص أما هذه ففي بيت لعازر. في القصة الأولي لم يذكر أسم المرأة أما هذه فذكر أنها مريم أخت لعازر وقد اختارت الكنيسة هذه القصة لتكون انجيل عشية أحد الشعانين.
ثالثاً: قصة المرأة التائبة المذكورة في انجيل لوقا (لو٧: ٣٦- ٥٠) والتي حدثت في بيت سمعان الفريسي حيث جاءت المرأة الخاطئة وقدمت توبة عميقة عبرت عنها بمحبة إذ “جاءت بقارورة طيب ووقفت عند قدميه من ورائه باكية وابتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب” لو٧: ٣٧- ٣٨. لقد قبل المسيح توبتها وقال لسمعان “من أجل ذلك أقول لك قد غفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيراً” لو٧: ٤٧ ثم قال للمرأة “مغفورة لك خطاياك… إيمانك قد خلصك، أذهبي بسلام” لو٧: ٤٨، ٥٠.
ليهبنا الله أن نسكب أثمن ما لدينا من وقت ومال وحياة حباً في مسيحنا الحبيب وليبارك الرب في عطاياكم كطيب مسكوب لدعم أخوتكم المحتاجين من خلال برامج سانتا فيرينا الخيرية.
الأنبا سرابيون
Off