احبائي محبي عمل الخير مارس ٢٠٢١
نعمه وسلام راجياً لكم كل خير وفترة صوم مبارك مقبول أمام ربنا يسوع المسيح الذي صام عنا أربعين يوماً وأربعين ليلة.
تحتفل كنيستنا يوم الثلاثاء ٩ مارس (٣٠ أمشير) هذا العام بمرور خمسين سنة على نياحة القديس البابا كيرلس السادس الذي تنيح يوم الثلاثاء ٩ مارس ١٩٧١ الموافق عام ١٦٨٧ للشهداء.
وُلِد وسمي باسم عازر في دمنهور لأبويين تقيين فنشأ محباً للكنيسة وكان يمارس الحياة الرهبانية في منزله مواظباً على قراءة الكتاب المقدس والأصوام والصلوات وحضور الكنيسة وحفظ الألحان. وفي يوليو عام ١٩٢٧ ترهب بدير البراموس باسم مينا البراموسي ورسم قسيساً في ١٨ يوليو ١٩٣١ ثم التحق بمدرسة الرهبان بحلوان. وعندما أراد البابا يؤنس التاسع عشر سيامته أسقفاً هرب إلى الصعيد ومكث بدير الأنبا شنودة بسوهاج. ثم عاد إلي ديره وعاش في مغارة تبعد عن الدير ساعة مشياً على الأقدام. وكان يأتي للدير يوم السبت لحضور التسبحة والقداس يوم الأحد للتناول من الأسرار الإلهية ثم يعود إلي مغارته. في عام ١٩٣٦ سكن في طاحونة مهجورة علي جبل المقطم بمصر القديمة وكان يصلي قداساً يومياً. عُيِن رئيساً لدير الأنبا صموئيل بجبل القلمون فقام بتعمير الدير وتجديد الكنيسة وبناء قلالي جديدة للرهبان. في عام ١٩٤٧ عاد إلي مصر القديمة حيث بني كنيسة علي أسم القديس مارمينا.
تم اختياره بطريركاً بعد نياحة الأنبا يوساب وصار البطريرك رقم ١١٦ وذلك يوم الأحد ١٠ مايو١٩٥٩. وأهتم بتأسيس دير مارمينا بصحراء مريوط فوضع حجر الأساس للدير بجوار المدينة الأثرية وذلك عام ١٩٥٩. ثم عمل الميرون عام ١٩٦٧ كما ظهرت العذراء على قباب كنيستها بالزيتون يوم ٢ أبريل ١٩٦٨ وأستمر الظهور شهور طويلة شاهده الألاف من الناس مسيحيين وغير مسيحيين. كما بني الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وأحضر جزء من رفات القديس مارمرقس من روما وتم وضعه في مزار أسفل مذبح الكاتدرائية.
اهتم القديس البابا كيرلس السادس بحياة الصلاة الدائمة فكان يواظب على العشية والتسبحة والقداس اليومي ووهبه الله صنع المعجزات فكان يأتي إليه الناس من كل مكان طالبين صلواتة وكان الله يكشف له كثير من الأسرار.
في نهاية حياته مرض مرضاً قصيراً ثم بعد أن أستقبل يوم نياحته كثير من أبناءه وقال لهم “ليدبر الله أموركم” تنيح بسلام ودفن بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية تم نقل جثمانه الطاهر حسب وصيته إلى دير القديس مارمينا.
من حياة القديس البابا كيرلس السادس نتعلم الآتي:
١-إن الله له قديسون في كل زمان وفي كل مكان. فالقداسة ليست قاصرة على زمن معين. فالقديس البابا كيرلس السادس عاش في القرن العشرين بكل ما فيه من تطور وتغير في المجتمع ولكنه قدم لنا نموذج لحياة القداسة سواء في فترة طفولته وشبابه أو في حياته الرهبانية التي وصل فيها إلي حياة الوحدة ثم في حياته كبطريرك قاد الكنيسة بحكمة وروحانية وسط متغيرات كثيرة.
٢-إن أقوي سلاح نواجه به المشاكل والضيقات هو سلاح الصلاة. فالصلاة كما كان دائماً يقول القديس البابا كيرلس’ تنقل الجبال’. لقد واجه صعوبات في حياته الرهبانية فترك ديره وعاش متنقلاً من مكان لآخر وفي مدة البطريركية واجه مشاكل من الداخل ومن الخارج ولكنه واجه ذلك بالصلاة حتى وهبه الله أن يري الكنيسة في عهده وهي تنتقل من مجد إلي مجد سواء في النهضة الروحية والتعليمية والرهبانية وفي التعمير وفي العلاقة مع الدولة وأظهرت السماء فرحها بهذا القديس العظيم بظهور العذراء ظهوراً فريداً لم يحدث مثله من قبل.
٣-أعظم تأثير هو تأثير القداسة. فالقديس البابا كيرلس لم يسافر كثيراً ولم يكن واعظاً له عظات مسجلة أو كتب ولكن عمق تأثيره في نفوس الناس سواء في مصر أو خارج مصر، بين أبناء الكنيسة أو خارج الكنيسة، هو تأثير عظيم قداستة ممتد رغم مرور خمسين سنة على نياحته فكلنا يشعر بوجوده معنا سواء الذين عاصروه أو الذين لم يكونوا قد وُلِدوا منذ نياحته.
٤-أود في نهاية الحديث عن قديسنا العظيم أن أذكر اهتمامه بالفقراء والمحتاجين. لقد عاش راهباً فقيراً يكتفي بأقل القليل زاهداً في أمور الدنيا وكذلك في حياته كبطريرك ولكنه كان قريباً جداً من الشعب إن أردت أن تقابله فأذهب إلى القداس فلا حاجة إلى سكرتارية أو تحديد مواعيد. فكان يقابل الفقير ويقابل الغني. كما أهتم بتنظيم خدمة المحتاجين من خلال تأسيس أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية التي سام لها المتنيح الأنبا صموئيل فأهتم اهتماماً كبيراً بالمحتاجين في كل مكان وقدمت برامج عديدة ومشروعات لسد احتياجات الفقراء وتعليمهم كيف يصطادوا السمكة.
شفاعة قديسنا العظيم البابا كيرلس السادس تكون معنا جميعاً وليبارك الرب في عطاياكم لدعم برامج سانتا فيرينا الخيرية.
الأنبا سرابيون
Off