أحبائي محبي عمل الخير فبراير ٢٠٢٢
نعمه وسلام راجياً لكم كل خير
يسعدني أن أهنئكم بصوم نينوي الذي يبدأ يوم الإثنين ١٤ فبراير وينتهي بفصح يونان يوم الخميس ١٧ فبراير وبدء الصوم الكبير الذي يبدأ يوم الإثنين ٢٨ فبراير وينتهي بعيد القيامة المجيد يوم الأحد ٢٤ إبريل. ليبارك الرب في أصوامكم ويجعلها أصواماً مباركه مقبولة. ونود أن نتأمل في معني الصوم.
١-الصوم عبادة: الصوم وسيلة تساعد الإنسان على الاقتراب من الله. السيد المسيح في الموعظة على الجبل تحدث عن الصوم كجزء هام في حياة الإنسان المؤمن. لم يتحدث السيد المسيح عن أوقات الصوم أو كيفية الصوم فقد ترك ذلك لعمل الروح القدس في الكنيسة لوضع ترتيبات الصوم كما نعيشها في كنيستنا. الأمر الذي أوضحه السيد المسيح من جهة الصوم هو أن الصوم عبادة موجهة لله وليس للناس. فقد حذر من الممارسات الخاطئة التي تجعل الصائم مهتماً أن يعرف الناس أنه صائم أو أنه يصوم لينال مديح الناس.
أعتبر السيد المسيح الصوم لأجل الناس هو رياء “ومتي صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم” مت٦: ١٦. الذي يصوم لأجل الناس ينال مديح الناس ويكون بذلك قد استوفي أجره عن الصوم أما الإنسان المسيحي فيجب عليه ألا يظهر للناس صومه “أما أنت فمتي صمت فأدهن رأسك وأغسل وجهك لكيلا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يري في الخفاء يجازيك علانية” مت٦: ١٧- ١٨.
وقد يتساءل البعض عن كيف يخفي الإنسان صومه في وقت الأصوام العامة حيث يصوم الناس معاً فيكون معروفاً للآخرين؟ الإجابة أن السيد المسيح حذر أن يتعمد الإنسان أن يظهر صومه للناس وليس أن يعرف الناس أنه صائم. الفرق في دافع الإنسان للصوم. ما حذر منه السيد المسيح أن يكون دافع الإنسان للصوم هو أن ينال مديح الناس عن صومه.
٢-الصوم فترة للنمو الروحي: الصوم ليس فقط الامتناع عن الطعام والشراب فترة ثم تناول أطعمة نباتية. فهذا هو الجانب الجسدي للصوم. ولكن الصوم فترة روحية خاصة ينمو فيها الإنسان روحياً. لذلك فترة الصوم هي فترة للصلاة وقراءة الكتاب المقدس والكتب الروحية وفترة الصوم فترة للتوبة والرجوع لله. فترة يسمو فيها الإنسان عن اهتمامات الجسد ويركز على اهتمامات الروح.
لذا اختارت الكنيسة للأحد الأول من الصوم إنجيل الكنوز حيث يدعونا السيد المسيح أن لا تكنزوا لذا كنوزاً على الأرض وألا ننشغل بالاهتمام بالأمور الأرضية “لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض…. بل أكنزوا لكم كنوزاً في السماء…. لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً” مت٦: ١٩، ٢٠، ٢١ “لكن اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم فلا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره” مت٦: ٣٣- ٣٤.
٣-الصوم فترة للتغيير: لا يكفي أن يغير الصائم طعامه في فترة الصوم بل الأهم أن يغير سلوكه. تقدم لنا الكنيسة في فترة الصوم نماذج للذين تغيرت حياتهم. ففي صوم يونان لدينا نموذج يونان وتوبته في بطن الحوت وتوبة أهل نينوي العظيمة وتغير البحارة وإيمانهم بالله.
في الصوم الكبير تقدم لنا الكنيسة نموذج الابن الضال في توبته والسامرية في قبولها للمسيح وكيف تحولت إلى امرأة كارزه لأهلها فآمن السامريون بالمسيح. وإيمان المولود أعمي بعد أن شفاه المسيح والتقي به ودعاه للإيمان بأبن الله. الصائم الذي يقتصر صومه على الجانب الجسدي بدون تغيير في الحياة لا يستفيد شيئاً من الصوم. فالصوم ليس فرضاً ولا توجد مكافأة خاصة بالصوم لكن الصوم وسيلة لتغيير الحياة فإن لم تتغير حياة الصائم فلا يكون الصوم أفاد الإنسان بشيء.
٤-الصوم فترة لعمل الرحمة: الصوم المقبول هو الصوم الذي يصاحبه عمل الرحمة. لذا تحدث السيد المسيح في الموعظة على الجبل عن الصدقة. فالصائم يشعر باحتياجات الآخرين لأنه يخرج من دائرة نفسه لينفتح قلبه بحب الله فينبض قلبه بالمحبة للآخرين وتكون محبة عملية وليس محبة بالكلام ولا باللسان “يا أولادي لا نحب بالكلام ولا بالسان بل بالعمل والحق” ١يو٣: ١٨.
“اليس هذا صوماً أختاره: حل قيود الشر. فك عُقد النير وإطلاق المسحوقين أحراراً وقطع كل نير. أليس أن تكسر للجائع خبزك وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك؟ إذا رأيت عرياناً أن تكسوه وأن لا تتغاضي عن لحمك” اش٥٨: ٦- ٧.
ليبارك الرب في أصوامكم وعطاياكم لدعم برامج سانتا فيرينا الخيرية.
الأنبا سرابيون
Off