أبريل 2016
أحبائي مُحبي عمل الخير
نعمة وسلام راجيًا لكم كل خير وبركة.
ونحن في فترة الصوم الكبير نرفع قلوبنا لالهنا الصالح الذي صام عنا أربعين يومًا وأربعين ليلة أن يهبنا فترة صوم مبارك مقدس مقبول أمامه.
كنيستنا الحبيبة تقودنا في فترة الصوم من خلال الصلوات والقراءات سواء من العهـد القديم أو العهد الجديد في باكر والقداسات اليومية والصلاة المسائية أيام الآحاد. ومن العلامات المميزة للصوم هو قراءات أناجيل آحاد الصوم الكبير حتى يُسمي البعض آحاد الصوم حسب انجيل القداس فنقول أحد الابن الضال، أحد السامرية، أحد المخلع، أحد المولود أعمى وهكذا.
وأود أن أتأمل معكم في معجزتين صنعهما السيد المسيح ومذكورين في الأحد الخامس والأحد السادس وهما أحد المخلع حيث شفى السيد المسيح المريض المشلول الذي كان له 38 سنة في مرضه ويحاول أن يحصل على الشفاء من بِركة بيت حسدا ولم يستطع والمعجزة الثانية هي شفاء الشاب المولود أعمى. وتأملي يُركز على جانب واحد مشترك في المعجزتين وهي الخدمة المتكاملة للانسان المحتاج.
في معجزة شفاء مريض بيت حسدا واضح أن احتياجه هو الشفاء من مرضه الذي دفعه أن يأتي الى بِركة بيت حسدا ويضطجع مع المرضى الآخرين منتظرًا نزول الملاك وتحريك الماء لينزل وينال الشفاء ولكنه فشل في الحصول على الشفاء لأنه كما قال للسيد المسيح ” يا سيد ليس لي انسان يُلقيني في البِركة متى تحرك الماء. بل بينما أنا آتٍ ينزل قدامي آخر” يو 5: 7. السيد المسيح أجابه “قُـمْ احمل سريرك وامش”. فحالًا برئ الانسان وحمل سريره ومشى يو 5: 8 و9. عمل المسيح مع هذا الانسان المريض لم ينتهي بشفائه فهو حقًا نال الشفاء الجسدي ولكنه كان محتاجًا لشفاء آخر. لذلك اهتم المسيح أن يبحث عنه ويلتقي به مرة أخرى ويقول له “ها أنت قد برئت فلا تُخطئ أيضًا لئلا يكون لك أشر” يو 5: 14.
هذا الانسان كان ظاهريًا مُحتاج فقط للشفاء الجسدي ولكن السيد المسيح الذي يرى خفايا القلوب رأى أنه مُحتاج لشفاء أهم وهو شفاء النفس من الخطية لذلك التقى به وحذره من العودة الى طريق الخطية لئلا يكون له أشر.
في قصة شفاء المولود أعمى شفى السيد المسيح المولود أعمى وأعاد له بصره ولكن السيد المسيح رأى أن هذا الانسان يحتاج لما هو أهم من البصر الجسدي يحتاج الى البصيرة الروحية والى الاستنارة الروحية. التقى به السيد المسيح مرة أخرى بعد شفائه وسأله “أتؤمن بابن الله فأجاب ذاك وقال مَـنْ هو يا سيد لأؤمن به فقال له يسوع قد رأيته والذي يتكلم معك هو هو فقال أؤمن يا سيد وسجد له” يو 9: 35 – 38.
الهنا الصالح يُعلمنا أن الانسان وحدة واحدة متكاملة واحتياجات الانسان مرتبطة بعضها ببعض. حقًا قد نُقَسِّم الاحتياجات الى احتياجات روحية واقتصادية واجتماعية ونفسية. ولكن الواقع يُثبت لنا حقيقةً هامة أن احتياجات الانسان مُرتبطة بعضها ببعض. فالانسان قد يتعب روحيًا بسبب مشكلة اقتصادية أو اجتماعية. كما الضعف الروحي يؤثر على حياة الانسان الاجتماعية في تعاملاته مع الآخرين وقد يؤثر على عمله أيضًا.
الهنا الصالح يُعلمنا أن نخدم المحتاجين خدمة مُتكاملة. فحقًا هدف الكنيسة أن تُحضر كل انسان كاملًا في المسيح يسوع ولكن في خدمتها لابد أن تهتم بالنواحي الروحية والاجتماعية والاقتصادية.
الكنيسة الأولى تُقَدِم لنا نموذج للخدمة المُتكاملة فعبرت عن حياة الشركة في الايمان بالشركة أيضًا في الحياة اليومية لذلك ذكر لنا سفر الأعمال “اذ لم يكن فيهم أحدًا مُحتاجًا لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول وبيوت كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات ويضعونها عند أرجل الرسل فكان يُوزَع على كل واحد كما يكون له احتياج” أع 4: 34. وسفر الأعمال يُحدثنا عن خدمة الموائد التي أقام لها الرسل رتبة الدياكون ومن هنا صار اسم الدياكونية يعني الخدمة المتكاملة التي تهتم باحتياجات الانسان ككل.
الهنا الصالح يهبنا أن نهتم بخدمة المحتاجين خدمة متكاملة، نهتم بجميع احتياجاتهم.
الرب يُبارك في عطاياكم لدعم برامج سانتا فيرينا الخيرية التي تُقدم خدمة متكاملة للمحتاجين.
الأنبا سرابيون
Off