أحبائى محبى عمل الخير
نعمة لكم وسلام راجياً لكم كل خير وبركة
يتبارك شهر أغسطس كل عام بصوم السيدة العذراء وعيدها المبهج . وهذا العام ونحن نتابع ما يتعرض له أخوتنا فى مصر وما تقدمه الكنيسة من شهداء ومعترفين أود أن اتأمل معكم فى الصليب فى حياة العذراء أم النور.
العذراء مريم فاقت الشاروبيم والسيرافيم وطغمات الملائكة فى قداستها وطهارتها فهى كنز الفضائل وهى القداسة فى أنقى صورها. لقد أختارها الله لتكون أماً له وحل فى أحشاءها الأبن الوحيد وأخذ منها طبيعة بشرية كاملة بلا خطية وصارت حقاً العذراء الثيؤتوكوس أم الله. ويعجز اللسان أن يتكلم عن عظمة كرامة العذراء أم النور الشفيعة الأمينة لجنس البشرية.
رغم هذه الكرامة العظيمة والمكانة الفائقة الإدراك لها لدى الله ورغم أنها أم الله بالحقيقة لكن حياتها لم تخلو من الالآم فقد حملت الصليب خلف أبنها الحبيب وقدمت لنا نموذج لإحتمال الالآم بصبر وشكر. لقد بدأ الصليب فى حياة العذراء مع بشارة الملاك لها “ها أنت ستحبلين وتلدين أبنا وتسمينه يسوع” لو1: 31. وعندما تساءلت العذراء “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً” فأجاب الملاك وقال لها “الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك ، فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى أبن الله” لو1: 34- 35. هذه النعمة العظيمة أن العذراء تحبل وتلد أبنا ويدعون أسمه عمانوئيل الذى تفسيره : الله معنا” مت1: 23. لم يستطع العالم أن يدرك هذه النعمة لذلك بينما فرح المؤمنون وصارت الأجيال تطوب العذراء على هذه النعمة نجد أن يوسف البار لم يدرك فى البداية هذه الكرامة التى نالتها العذراء لذا شك ويقول الكتاب المقدس “فيوسف رجلها إذ كان باراً ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سراً” مت 1: 19. رجل البر يوسف كشف له الله السر فأرسل له الملاك فى حلم وقال له “يا يوسف أبن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذى حُبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد أبنا وتدعو أسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم” مت 1: 20- 21.
يوسف البار أدرك قيمة هذه النعمة أما اليهود فلم يعرفوا ولم يدركوا وظلت هذه تهمة باطلة نحو كلية الطهارة العذراء مريم. العذراء. إحتملت الهروب إلى أرض مصر. رغم البركة التى نالتها مصر من مجئ العائلة المقدسة ولكن بالنسبة للعذراء التى التى شاهدت الطفل الإلهى وتسبيح الملائكة وزيارة المجوس كان أمر الهروب من وجه هيرودس أمتحان إيمان لها وليوسف ولكنهما أطاعا أمر الملاك وأحتملا مشقة السفر والهروب فى أرض غريبة وما دار من أحداث متعددة فى مصر.
العذراء أم النور كانت تتجول من مكان إلى آخر تتبع أبنها الحبيب فى خدمته المباركة لقد شاهدت معجزاته وأستمعت لتعاليمه الإلهية ولكنها شاهدت أيضاً مقاومة الكتبة والفريسيين له والإتهامات الباطلة التى كانت توجه له. كم كان مؤلماً على قلب الأم الحنون أن ترى وتسمع هذا الظلم لها ولأبنها الحبيب. ولكن أليس هذا تحقيقاً لقول سمعان الشيخ لها الذى قال لمريم “ها أن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين فى اسرائيل ولعلامة تُقاوم . وأنت أيضاً يجوز فى نفسك سيف لتعلن أفكار من قلوب كثيرة” لو2: 34. تبعت العذراء أبنها الحبيب حتى الصليب وهناك تحت صليب أبنها نقل لنا التقليد الكنسى صلاتها “عندما نظرت الوالدة الحمل والراعى مخلص العالم معلقاً على الصليب قالت وهى باكية : أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائى فتلتهب عند نظرى إلى صلبوتك الذى أنت صابر عليه من أجل الكل ، يا أبنى وإلهى (صلاة الساعة التاسعة).
أننا نطلب من العذراء أمنا التى أحتملت الصليب وقدمت لنا مثالاً لإحتمال الالآم لأجل الله أن تشفع فينا أمام أبنها الحبيب أن يعيننا على حمل الصليب ويحفظ سلام كنيسته وسلام شعبه . الرب يبارك فى عطاياكم لدعم برامج سانتا فيرينا الخيرية ويهبنا أن نفعل الخير ونساعد أخوتنا المحتاجين بشفاعة أم النور العذراء مريم.
الأنبا سرابيون
Off