أحبائي محبي عمل الخير ديسمبر ٢٠٢٠
نعمه وسلام راجياً لكم كل خير وبركه
يسعدني أن أهنئكم بصوم الميلاد المجيد وشهر كيهك المبارك. في هذه الفترة من السنة الكنسية تعدنا الكنيسة بالصوم والصلاة والقراءات لاستقبال مولود بيت لحم الذي تجسد لأجل خلاصنا.
شهر كيهك يتميز بألحانه الجميلة والسهر الليلي والتسبيح كما أيضاً رتبت الكنيسة أن تكون قراءات أحاد شهر كيهك مأخوذة من الإصحاح الأول لإنجيل معلمنا لوقا البشير. فالأحد الأول البشارة بميلاد يوحنا المعمدان والأحد الثاني البشارة بميلاد المسيح والأحد الثالث زيارة العذراء لاليصابات والأحد الرابع ميلاد يوحنا المعمدان.
وأود أن أتأمل معكم في هذه الرسالة في زيارة السيدة العذراء لاليصابات. ففي الوقت الحالي نتيجة انتشار وباء كورونا قلت زيارتنا بعضنا لبعض وتم استعاضة الزيارات باللقاءات عبر شبكة الأنترنيت. لكن مهما قدمت لنا التكنولوجيا الحديثة من وسائل التواصل السريعة والمتعددة ولكن تبقي الزيارات واللقاءات الشخصية هي الوسيلة الأكثر فاعلية في بناء العلاقات الإنسانية. لكن ليس كل زيارة هي زيارة مفيدة. احياناً ما تكون زيارتنا لبعضنا البعض زيارات مضرة. لذا نود أن نتأمل في زيارة العذراء لاليصابات كنموذج للزيارة المباركة المفيدة لكي ما نتبع هذا المثال المقدس.
١-هدف الزيارة: إذا أردنا أن نقوم بعمل ناجح فعلينا أولاً أن نحدد الهدف من القيام بهذا العمل. الهدف الواضح الجيد يؤدي إلى عمل ناجح ومفيد. العذراء أم النور عرفت من الملاك أن اليصابات قريبتها حامل في شهرها السادس “هوذا اليصابات نسبيتك هي أيضاً حبلي بأبن في شيخوختها. وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً” لو١: ٣٦. لقد شعرت العذراء بأهمية أن تقوم بزيارة اليصابات لتشاركها فرحتها وتساعدها في الشهور الأخيرة من حملها وخاصة كما يذكر الكتاب المقدس “وبعد تلك الأيام حبلت اليصابات امرأته وأخفت نفسها خمسة أشهر قائلة “هكذا قد فعل بي الرب في الأيام التي فيها نظر إليّ لينزع عاري بين الناس” لو١: ٢٤- ٢٥. حقاً كانت اليصابات تحتاج لمن يكون معها ويحفظ سرها حتى تلد. ومن أفضل من أم النور لتكون معها؟
“فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلي مدينة يهوذا” لو١: ٣٩ قامت بسرعة إلى الجبال. الذي يحب أن يعمل الخير يقوم بسرعة فلا يتردد ويفكر ويحسب ماذا سوف يجني أو يخسر من عمل الخير. العذراء لم تفكر من يذهب لمن؟ هل أم الله تذهب إلي أم يوحنا أم العكس؟ لم تفكر ماذا عن يوسف خطيبها؟ هل تقول له عن بشارة الملاك لها وكيف يتقبل أن يراها حامل بعد عدة أشهر كانت خارج البيت؟ العذراء فكرت في شيء واحد أن تذهب لتكون بجوار اليصابات. عمل الخير يكفيه أن يكون هدفه الخير فالخير يبقي ويسود والانسان الذي يعمل الخير لا يفشل اطلاقاً وحتى إن لم يحصد شيء في الحال ولكنه حتماً سوف يحصد في وقته ولنتذكر كلمات القديس بولس “فلا نفشل في عمل الخير لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكل” غل٦: ٩.
٢-موضوع الزيارة: موضوع هذه الزيارة المباركة كان تمجيد الله. اليصابات صرخت بصوت عظيم وقالت “مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك! فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليّ؟ فهو ذا حين صار صوت سلامك في أذني أرتكض الجنين بابتهاج في بطني فطوبي للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب” لو١: ٤٢- ٤٥. عبرت اليصابات عن سعادتها بتمجيد الله الذي وهبها نعمه فوق نعمه ليس فقط أن تحبل بأبن في شيخوختها وبل وتأتي لزيارتها أم الله وتمكث معها ثلاثة أشهر. ومنحها نعمه عظيمة أن يمتلئ الجنين في بطنها بالروح القدس. أما العذراء فقالت تسبحتها الجميلة “تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي” لو١: ٤٦ -٤٧. تري ماذا نقول في زيارتنا هل أحاديث العالم؟ أو هل أحاديث الإدانة ومسك سيرة الناس؟
٣-الحضور الإلهي: تميزت هذه الزيارة بالحضور الإلهي. العذراء تأتي حاملة في بطنها أبن الله المتجسد واليصابات تمتلئ من الروح القدس ويوحنا المعمدان وهو جنين في بطن أمه يمتلئ من الروح القدس تحقيقاً لقول الملاك لأبيه زكريا “ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس” لو١: ١٥.
ليهبنا الله أن نراجع زيارتنا من جهة هدفها وموضوعها وحضور الله. وليعطينا الله أن نتمثل بالعذراء في زيارتها المباركة ومحبتها لعمل الخير. الرب يملئ قلوبنا بمحبة عمل الخير متذكرين قول القديس بولس “وأما أنتم أيها الأخوة فلا تفشلوا في عمل الخير” ٢تس٣: ١٣.
الرب يبارك عطاياكم لدعم برامج سانتا فيرينا الخيرية.
الأنبا سرابيون
Off