أحبائي محبي عمل الخير رسالة سانتا فيرينا فبراير ٢٠٢٥
نعمه وسلام راجياً لكم كل خير وبركه
يسعدني أن أهنئكم جميعاً بصوم يونان الذي يبدأ يوم الاثنين ١٠ فبراير ونحتفل بفصح يونان يوم الخميس ١٣ فبراير.
أتمنى لكم جميعاً صوماً مباركاً مقبولاً وخاصة أن صوم يونان يسبق الصوم الكبير بأسبوعين لذا يعتبر تمهيد وإعداد للصوم الكبير بما فيه من طقس يماثل طقس الصوم الكبير.
يونان النبي هو رمز للسيد المسيح من جهة أن الحوت أبتلعه ولكنه خرج منه حياً. لذلك نردد في صوم يونان مرد “يونان في بطن الحوت كمثال المسيح في القبر ثلاثة أيام”. فالمسيح دفن في القبر ولكنه في اليوم الثالث قام حياً وداس الموت بالموت.
يونان من جهة اخري يمثل البشرية من جهة عجز الإنسان عن طاعة الله. يونان عصي أمر الله له ان يذهب إلى نينوي “وصار قول الرب إلي يونان بن متاي قائلاً “قم أذهب إلى نينوي المدينة العظيمة وناد عليها لأنه قد صعد شرهم أمامي” فقام يونان ليهرب إلى ترشيش” يونان ١: ١-٢. يونان قدم توبة وهو بطن الحوت وصلي صلاة عميقة مذكورة في الإصحاح الثاني من سفر يونان وأنقذه الله من بطن الحوت “ثم صار قول الرب إلي يونان ثانية قائلاً “قم أذهب إلى نينوي المدينة العظيمة وناد لها المناداة التي أنا مكلمك بها” يونان ٣: ١- ٢. هذه المرة أطاع يونان فقام يونان وذهب إلى نينوي بحسب قول الرب “يونان ٣: ٣.
هل كانت طاعة يونان طاعة حقيقية؟ من جهة الشكل الخارجي أطاع وذهب ولكن داخلياً السبب الذي لأجله لم يذهب في المرة الاولي كان لازال موجوداً. لذلك عندما قدم أهل نينوي توبة عظيمة والرب صفح عنهم لم يفرح يونان بل يذكر سفر يونان “فغم ذلك يونان غماً شديداً فاغتاظ وصلي إلي الرب وقال آه يا رب اليس هذا كلامي إذ كنت بعد في أرضي؟ لذلك بادرت إلى الهرب إلي ترشيش لأني علمت أنك إله رؤوف ورحيم بطئ الغضب وكثير الرحمة ونادم علي الشر فالآن يا رب خذ نفسي مني لأني موتي خير من حياتي” يونان ٤: ١- ٣.
لم تكن مشكلة يونان في أن الله إله رحوم طويل الآناة لأنه استفاد من رحمة ربنا عندما أخطأ وتاب والرب قبل توبته ولكن مشكلته كانت أن أهل نينوي الأمميين لا يستحقوا رحمة الله. لذلك أراد الله أن يصحح فكر يونان بمثال اليقطينة فقال الرب “أنت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها ولا ربيتها التي بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت. أفلا أشفق أنا على نينوي المدينة العظيمة التي يوجد فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من الناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم وبهائم كثيرة؟” يونان ٤: ١٠-١١. ينتهي سفر يونان بهذه الآيات دون أن يذكر لنا هل استجاب يونان أم لا.
هكذا صار حال الإنسان بعد السقوط فاقد للاستنارة فلا يعرف مشيئة الله. يحاول الإنسان أن يطيع الله ولكن ليس طاعة كاملة لأن طبيعة الإنسان فسدت وأظلم عقله لأنه انفصل عن الله بالمعصية. عجز الإنسان سواء اليهودي أو الأممي أن يتبرر فأحتاج إلي بر المسيح “الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد” رو٣: ١٢. “الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله” رو٣: ٢٣. لم يكن للإنسان أن يتبرر ويحقق الطاعة الكاملة إلا بالفداء الذي بيسوع المسيح “متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله” رو٣: ٢٤- ٢٥. تجسد أبن الله وأخذ طبيعتنا البشرية بنفس عاقلة ليقدم الطاعة الكاملة لله التي عجز عنها الإنسان. “لكنه أخلي نفسه، آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس. وإذ وُجِد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب” فيلبي٢: ٧-٨.
صوم يونان هو فرصة للتوبة وتقديم الطاعة الكاملة لله بحفظ وصاياه متمثلين بالهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي وهب لنا الطبيعة الجديدة واعطانا روحه القدوس ليهبنا الاستنارة الروحية “مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته” أفس١: ١٨.
والرب يبارك في عطاياكم لدعم برامج سانتا فيرينا الخيرية.
الأنبا سرابيون
Off