أكتوبر 2016
أحبائى محبى عمل الخير
نعمة وسلام راجياً لكم كل خير وبركة
كل انسان يريد أن يحيا فى سلام ولكن ليس كل سلام هو سلام حقيقى. الانسان قد يستخدم سلطته وقوته ليحقق ما يريد حتى لو ظلم الآخرين وقد يعطيه ما حققه سلام ولكنة سلام مزيف لا يدوم . وأود أن اتأمل معكم فى قصتين توضح لنا أن السلام المبنى على أمور هذه العالم هو سلام مزيف.
القصة الأولى هى قصة آخاب الملك مع نابوت اليزرعيلى المذكورة فى سفر الملوك الأول أصحاح 21 ، الملك آخاب كان يملك كل سلطات الملك وأراد أن يأخذ حقل نابوت اليزرعيلى الذى كان بجوار قصره وعرض الملك على نابوت اليزرعيلى أن يعطيه كرمه فى مقابل أن يعطيه الملك كرم آخر أو يدفع ثمنه بالفضة ولكن نابوت رفض قائلاً لآخاب الملك “حاشا لى من قبل الرب أن أعطيه ميراث آبائى” 1مل 21: 3. حزن الملك ودخل إلى بيته مكتئباً مغموماً ولم يأكل وأضطجع على سريره وحول وجهه . نابوت تمسك بميراث آبائه وتمسك بالشريعة التى تقول “والأرض لا تباع بته لأن لى الأرض وأنتم غرباء ونزلاء عندى” لاو 25: 23 “فلا يتحول نصيب لبنى إسرائيل من سبط إلى سبط بل يلازم بنو إسرائيل كل واحد نصيب آبائه” عدد36: 7. لكن آخاب الملك أشتهى حقل نابوت وحزن إنة لم يحقق رغبته رغم أنها تتعارض مع الشريعة التى كان يجب عليه كملك إسرائيل أن يحافظ على تنفيذ شريعة الله . تدخلت زوجة آخاب إيزابل الشريرة ودبرت خطة لأتهام نابوت بتهمة التجديف على الله وعلى الملك ونجحت الخطة الشريرة وتم رجم نابوت بسبب التهمة الباطلة وذهبت إيزابل تبشر آخاب “قم رث كرم نابوت اليزرعيلى الذى أبى أن يعطيك إياه بفضة . لأن نابوت ليس حياً بل هو ميت” فرح آخاب ونزل ليرث كرم نابوت اليزرعيلى .
هل دام فرح وسلام آخاب ؟ حقاً لا لأنه كان سلام مبنياً على الظلم والشر والمكيدة . حقاً نجح بمساعدة زوجته الشريرة أن يأخذ الكرم ويأخذه مجاناً ولكن الله العادل الذى لا يقبل الظلم أرسل له ايليا النبى ليوبخه ويقول له هكذا قال الرب : هل قتلت وورثت أيضاً ؟ ثم كلمه قائلاً “هكذا قال الرب : فى المكان الذى لحست فيه الكلاب دم نابوت تلحس دمك أنت أيضاً” 1مل21: 19.
لقد اخطأ آخاب الذى قال عنه الكتاب المقدس “ولم يكن كآخاب الذى باع نفسه لعمل الشر فى عينى الرب الذى أغوته إيزابل إمراته” 1مل 21: 25 الشر والمكايد أعطت آخاب سلاماً مؤقتاً ، سلاماً مزيفاً لم يدم بل لحق به الشر وتحقق كلام ايليا النبى (راجع 1 مل 22: 35- 37).
القصة الثانية ذكرها السيد المسيح ومذكورة فى أنجيل لوقا أصحاح 12: 16- 21 الغنى الذى أغصبت كورته فبدلاً أن يشكر الله ويفكر أن يساعد المحتاجين قال “أعمل هذا : أهدم مخازنى وأبنى أعظم وأجمع هناك جميع غلاتى وخيراتى وأقول لنفسى : يا نفسى لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة . أستريحى وكلى وأشربى وأفرحى ” لو12: 18- 19 فرح هذا الغنى بالخيرات الكثيرة وشعر بسلام وإطمئنان أنه أمّن مستقبله فلا يخشى ما يحدث له فى المستقبل ولكن هذا السلام كان سلاماً مزيفاً مؤقتاً إذ جاء الصوت الإلهى “يا غبى هذه الليلة تطلب نفسك منك . فهذه التى أعددتها لمن يكون؟ لو12: 3 لذا أوضح لنا السيد المسيح حكمة هذه القصة قائلاً “هكذا الذى يكنز لنفسه وهو ليس غنياً لله” لو12: 21.
السلام الحقيقى لا يأتى من خيرات العالم ولا يأتى بأستخدام القوة والعنف ولا يأتى بالدسائس والمؤامرات وأفعال الشر ولكن يأتى من ملك السلام الذى قال “سلاماً أترك لكم. سلامى أنا أعطيكم . ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا . لا تضطرب قلوبكم و لا ترهب” يو14: 37 . القديس بولس يقول “عيشوا بالسلام وإله المحبة والسلام سيكون معكم” 2كو13: 11
السلام الحقيقى يتحقق بالبذل والتضحية لأجل الآخرين. السلام الحقيقى يتحقق أن يخرج الأنسان من دائرة ذاته ويبذل لأجل راحة الآخرين لذلك عمل الخير ومساعدة المحتاجين يهب للمعطى سلاماً حقيقياً وفرحاً قلبياً. الرب يبارك فى عطاياكم لدعم برامج سانتا فيرينا الخيرية ويمتعكم بسلامة الحقيقى الذى يفوق كل عقل.
الأنبا سرابيون
Off