أحبائي محبي عمل الخير
نعمه وسلام راجياً لكم كل خير وبركه
من الفضائل الهامة التي تساعدنا على فعل الخير فضيلة القناعة. القديس بولس الرسول في رسالته الأولي إلى تلميذه تيموثاوس يقول “أما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة. لأننا لم ندخل العالم بشيء وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشيء. فإن كان لنا قوت وكسوة، فلنكتف بهما. وأما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك” ١تي٦: ٦- ٩. القديس بولس يفرق بين الغني الذي هو نعمه من الله “أوص الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغني، بل علي الله الحي الء ذي يمنحنا كل شي بغني للتمتع” ١تي٦: ١٧.
الانسان المسيحي الذي أنعم الله عليه بالغني يتمتع بغناه عندما يستخدمه لمجد الله ومساعدة الآخرين. الله لا يريدنا أن نحيا في عوز بل يسدد احتياجاتنا. لقد خصصت الكنيسة أوشية خاصة لمياه النهر والزروع والعشب ونبات الحقل وأهوية السماء أي أوشية خاصة باحتياجاتنا المادية نصلي فيها طالبين “بارك أكليل السنة بصلاحك من أجل فقراء شعبك، من أجل الأرملة واليتيم والغريب والضيف ومن أجلنا كلنا نحن الذين نرجوك ونطلب أسمك القدوس. لأن أعين الكل تترجاك لأنك أنت الذي تعطيهم طعامهم في حين حسن. أصنع معنا حسب صلاحك يا معطياً طعاماً لكل جسد. املأ قلوبنا فرحاً ونعيماً لكي نحن أيضاً إذ يكون لنا الكفاية في كل شيء كل حين، نزداد في كل عمل صالح”.
هناك فرق بين أن نحيا حياة كريمة نشعر أن إلهنا يسدد احتياجاتنا وبين حياة الرفاهية والانغماس في شهوات العالم والسعي نحو الغني بكل الوسائل الأمر الذي يؤدي إلى السقوط في فخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة نذكر منها:
١- أن يرتفع قلب الانسان فينسي الله مانح العطايا وهذا ما ذكره هوشع النبي “لما رعوا شبعوا، شبعوا وارتفعت قلوبهم لذلك نسوني” هوشع ١٣: ٦.
٢- أن ينغمس الانسان في حياة الرفاهية فينسي أخوته المحتاجين. في قصة الغني ولعازر نسي الغني أن هناك انسان محتاج ومريض مطروح أمام بابه فماذا كانت النتيجة؟ سقط الغني في العذاب الابدي. فقد قيل عنه “ومات الغني أيضاً ودفن. فرفع عينه في الجحيم وهو في العذاب ورأي إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه فنادي وقال: يا أبي إبراهيم أرحمني وأرسل لعازر ليبل طرف أصبعه بماء ويبرد لساني لأني معذب في هذا اللهيب” لو١٦: ٢٢- ٢٤. لم يستجب إبراهيم لطلب الغني لأن الوقت قد فات بل قال له “يا أبني اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا والآن هو يتعزي وأنت تتعذب” لو١٦: ٢٥. لقد سد الغني أثناء حياته اذنيه أن يسمع صراخ وأنين لعازر المسكين فأنطبق عليه قول سفر الأمثال “من يسد اذنيه عن صراخ المسكين فهو ايضاً يصرخ ولا يستجاب له. ام٢١: ١٣. ايضاً ينطبق عليه تحذير القديس يعقوب “هلم أيها الأغنياء ابكوا مولولين على شقاوتكم القادمة. غناكم قد تهرأ وثيابكم اكلها العث. ذهبكم وفضتكم قد صدئا وصدأهما يكون شهادة عليكم ويأكل لحومكم كنار” يع٥: ١- ٣. لقد كنز الغني فلم ينفعه غناه بل كان غناه شاهداً عليه وعلى قسوة قلبه تجاه لعازر المسكين لذا كان يتعذب في اللهيب “يأكل لحومكم كنار”.
٣- شهوات غبية ومضرة. إن قصة الغني الغبي توضح كيف يسقط الانسان الذي يسعي إلى الغني في شهوات كثيرة غبية ومضرة. لقد قال السيد المسيح مثل الغني الغبي ليحذر من خطورة الطمع وأن ينسي الانسان أن حياته مؤقته. لقد منح الله هذا الغني نعمه أن أخصبت كورته فلم يفكر التفكير الحكيم بل فكر في نفسه قائلاً: “ماذا أعمل، لأن ليس لي موضع أجمع فيه أثماري؟ وقال هذا أهدم مخازني وأبني أعظم، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي وأقول لنفسي يا نفسي لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة استريحي وكلي وأشربي وأفرحي” لو١٢: ١٧- ١٩. فكر في نفسه فقط لم يفكر في الآخرين المحتاجين واعتقد أنه أمامه عمر طويل يتمتع فيه بخيراته لذا أستحق أن يقول له الله “يا غبي! هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي أعددتها لمن تكون؟” لو١٢: ٢٠. شهوة الغني أوقعته في شهوات كثيرة غبية ومضرة. لقد فقد خيرات الأرض والنعيم الأبدي لذلك قال السيد المسيح تعليقاً على هذا المثل “هكذا الذي يكنز لنفسه وليس هو غنياً لله” لو١٢: ٢١.
أحبائي
لقد وهبنا الله خيرات كثيرة لا لكي نكنزها لأنفسنا بل لنعمل بها الخير فنكون حقاً أغنياء لله متذكرين قول القديس يعقوب الرسول “فمن يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل، فذلك خطية له” يع٤: ١٧.
ليبارك الرب في عطاياكم لدعم برامج سانتا فيرينا لخدمة المحتاجين في كل مكان.
الأنبا سرابيون
Off