أحبائي محبي عمل الخير رسالة سانتا فيرينا سبتمبر ٢٠٢٤
نعمه وسلام راجياً لكم كل خير وبركه
خلق الله الإنسان على صورته ومثاله ووضعه في فردوس النعيم لينعم بالحياة مع الله في سعادة كاملة دون حزن أو شقاء. عندما سقط الإنسان بغواية الشيطان طُرِد من فردوس النعيم وتشوهت الصورة التي خُلِق عليها وبدأ رحلة من العذاب والشقاء على الأرض. “لأنك تراب وإلى التراب تعود” تك٣: ١٩. لأجل ذلك نجد أن الحياة حولنا مملؤة من الشقاء والبؤس والتعب.
لذا أطرح سؤال من هم البؤساء؟ ونحاول أن نجيب عن هذا السؤال من خلال ثلاث قصص من الكتاب المقدس.
١-قايين وهابيل: قايين اغتاظ من أخيه هابيل واستدرجه إلى الحقل وقتله في أول جريمة في تاريخ الإنسانية. من البائس قايين أم هابيل القاتل أم المقتول؟ في رسالة العبرانيين يقول القديس بولس “بالإيمان قدم هابيل ذبيحة أفضل من قايين فبه شهد له أنه بار وإذ شهد الله لقرابينه وبه وإن مات يتكلم بعد” عب١١: ٤. اما عن قايين البائس فقد سمع صوت الله يقول له “ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك صارخ إليّ من الأرض… متي عُملِت الأرض لا تعود تعطيك قوتها. تائهاً وهارباً تكون في الأرض” تك٤: ١٠، ١٢.
٢-اخاب الملك ونابوت اليزرعيلي: أراد الملك آخاب أن يأخذ كرم نابوت اليزرعيلي الذي كان مجاوراً لقصره وعرض عليه أما أن يشتريه منه أو يعطيه عوضاً كرماً أفضل منه. لكن نابوت رفض عرض الملك قائلاً “حاشا لي من قبل الرب أن أعطيك ميراث آبائي” ١مل٢١: ٣ كان رفض نابوت رفض لكسر وصية الله. لقد أوصي الله شعبه “فلا يتحول نصيب لبني إسرائيل من سبط إلي سبط بل يلازم بنو إسرائيل كل واحد نصيب سبط أبائه” عدد٣٦: ٧ “الأرض لا تباع البتة لأن لي الأرض وأنتم غرباء ونزلاء عندي” لاو٢٥: ٢٣ “ولا يأخذ الرئيس من ميراث الشعب طرداً لهم من ملكهم. من مُلكه يورث بنيه لكيلا يُفرق شعبي الرجل عن مُلكِه” حز٤٦: ١٨.
دبرت إيزابل زوجة الملك مؤامرة تم اتهام نابوت أنه جدف علي الله فتم قتله وجاءت إيزابل الشريرة إلى آخاب قائلة “قم رث كرم نابوت اليزرعيلي الذي أبي أن يعطيك إياه بفضة، لأن نابوت ليس حياً بل هو ميت” ١مل٢١: ١٥. وسمع آخاب الشقي لكلام إيزابل الشريرة وقام لينزل إلي كرم نابوت اليزرعيلي ليرثه فجاء عليه حكم الله علي فم إيليا النبي “هل قتلت وورثت أيضاً؟ في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت تلحس الكلاب دمك أنت أيضاً” ١مل٢١: ١٩. لقد قالت إيزابل الشريرة “إن نابوت ليس حياً بل ميت” قال الله إن آخاب وإيزابل هم الموتى أما نابوت فقد قبله الله لأنه حافظ علي وصية الله حتى الموت. فموت الطاعة هو حياة وموت المعصية هو الموت الأبدي.
٣-الصدقيون والرسل: كرز الرسل بالمسيح وبصلبه وقيامته مما أزعج بوجه خاص رؤساء الكهنة ومن معهم من شيعة الصدوقين الذين لم يكونوا يؤمنوا بالقيامة. صنع الله علي أيدي الرسل آيات وعجائب كثيرة واعترف الصدوقيون بحدوث هذه المعجزات ولكن بدلاً أن يؤمنوا رفضوا بل قبضوا على الرسل وجلدوهم وأوصوهم أن لا يعلموا باسم يسوع أع٥: ٤٠. رفض الرسل تهديد رؤساء الكهنة والصدوقيين بل كما يذكر سفر الاعمال “وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل أسمه. وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل وفي البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح” أع٥: ٤١- ٤٢.
+من هذه القصص الثلاث نجد أن البؤساء هم قايين وآخاب وإيزابل ورؤساء الكهنة ومن معهم من شيعة الصدوقيين رغم أنهم كانوا يملكون السلطة والقدرة على إيذاء الآخرين. أما هابيل ونابوت اليزرعيلي اللذان قُتِلا والرسل الذين جلدوا ثم بعد ذلك استشهدوا فهم السعداء المطوبين رغم ما عانوه علي الأرض.
هنا تتجلي الحقيقة الناصعة أن البائس الحقيقي هو الخاطئ مهما ملك من قوة وسلطان وهذا ما عبر عنه سفر الرؤيا في الرسالة إلي ملاك اللاودوكيين “لأنك تقول اني أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلي شيء، ولست تعلم أنك أنت الشقي والبائس وفقير وأعمي وعريان” رؤ٣: ١٧.
ليهبنا الله أن نساعد كل بائس أن يترك طريق الخطية ويحيا حياة القداسة والبر وليبارك الله في عطاياكم لدعم برامج سانتا فيرينا الخيرية.
الأنبا سرابيون
Off